الأربعاء، 11 يناير 2012

لحظةُ انفجار



تركت قدر الطعام على النار واتجهت مسرعةً الى غرفتها
كان جالساً امام التلفاز يرفع الصوت عالياً علّه يشتت احاديث نفسه ..
ارتدت عباءتها بحزم وشدة وهي تنوي الرحيل ..
وفي داخلها تمتمات :
مضى العمر وانا صابرة مشنوقة بحبل الحسرة .. الى متى ..!
أمام باب الغرفة طفلاها ينظران في دهشة ..
تجاوزتهما وخرجت مصفقةً الباب ..
توجه الطفلان اليه يصرخان :
خرجت .. لبست عباءتها وخرجت ..
في تلك اللحظة سُمع صوت الباب وهو يهز جدران المنزل  ..
ركضت الى الخارج حافية القدمين على غير هدى تقطع مسافات العمر وآلامه
 تدوس على الذكريات
يتساقط منها انين القهر ومرارة الصبر
 تتدحرج امام خطواتها الاحلام :
يكفي هذا يكفي .. ترددها بانفاس لاهثة تضج بها الضلوع ..
 سأرحل بعيدا ولن اعود  ومضت ..
 فتح الباب لم يصدق ما تراه عيناه .. طيف عباءتها من بعيد .. جمدته الدهشة :
لقد جُنت يبرر لنفسه انفجارها ..
تفوح رائحة طعام يحترق .. يتجه الى المطبخ الذي غطاه الدخان ..
يطفئ النار ويخرج الطفلين ويجلسون على عتبة الدار .. في انتظار .. خروج الدخان وعودة الامان ..
أمطرت السماء .. بدأت خطواتها في التباطؤ ..
اتجهت الى جدار مسجد قريب .. فاذ بمتسولة تجلس بالقرب  تلملم حاجياتها مسرعة خشية المطر ومعها طفلان تحملهما في رباط معلق على ظهرها
تدخل الى كراج سيارة قريب وتجلس ..
التفتت المتسولة اليها واشارت بيدها تدعوها لمشاركتها المكان ..
سارت اليها وجلست ..
فتحت المتسولة جعبتها واخرجت طفلها وناولته ثديها
 واخرجت من كيس معها قطعة خبز وبقايا برتقالة وناولتها الآخر ..
 ابتسمت وعلت وجهها الراحة والطمأنينة ..
هذا المشهد امامها اثار الحيرة في نفسها ..
وتساءلت أنى لهذه المرأة السعادة في هذه الحال ..!
لم تتمالك نفسها خبأت وجهها بيديها وملأت كفيها بالدموع وعلت شهقاتها ..
قامت اليها المرأة اعطتها قطعة قماش تمسح بها وجهها ..
وضعت المتسولة يدها على ظهرها وهي تردد الله كريم الله كريم ..
 هدأت .. تأملت الطفلان .. تأملت السماء .. تأملت الارض تأملت .. الله كريم ..
في تلك اللحظة اقيمت الصلاة ..وأخذت آيات القرآن تتردد في المدى :
يالله خرجتُ هائمة على وجهي لا اعلم اين المسير ابحث عن مكان لا شقاء فيه فأين المفر !..
 توقف المطر ..
 وقفت تنظرالى المتسولة وصغارها وابتسمت  :
كم انت عظيمة وكم أنا متسولة ..
عادت ادراجها وحين وصولها وجدته جالساً مع الاطفال على عتبة الدار ..
 احتضنت طفليها وهو ينظر بصمت اليها والى مافعلت ..
رمقته بنظرة وتنهيدة ثم دخلت .. 



.. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق