من منذ مدة طويلة لم أدخل الى هذا المجلس
عجباً .. ليست طويلة
شهرٌ واحدٌ فقط
لكن حين اقارنها بعدد المرات التي كنتُ أدخل فيها هنا كل يوم
أجد شهراً مدةً طويلة جداً
مازالت رائحةِ العود الأزرق الممزوجةُ بريح عطرة تتمسك بالأرائك والستائر
منذُ آخرِ زيارةٍ له
منذ تلك الليلة
جلس هناك قرب النافذة
وجسلتُ أنا هنا على هذه الاريكة المفردة
كان حضوره طاغياً
ذلك ما التقطته عيناي حين رفعتُ نظري اليه
كان ينظرُ اليّ مباشرة
وكنتُ أنا غارقةً في خجلي وارتباكي
أصابعي
تشهد تلك اللحظة
فقد اعتصرتُها بين يدي حتى احمّرت
حذائي ذو الكعب العالي
يشهد ارتعاشة ساقيّ
لن أنسى حركة رجله المتوترة
وشفاهه التي كانت أسنانه تمزق غشاءها الخارجي
وفنجان القهوة المنتفض في يده
وقلبي
حين خفق من أول كلمة قالها
وابتسامته
حين رفعتُ رأسي لأجدها تشع على وجهه
وفي يده علبةٌ حمراء فيها اسوارة ذهبية
اقترب
فأصبحتُ في سكرة الحلم
مدّ يده
وتناولتُ منه الهدية
وعاد حاملاً معه كل آمالي
كأن المكان خالياً من سواه
لا أسمع كلمة من أحد
فقط صوته حين كان يتحدث مع والدته
وصوت زغاريد من الخارج قادمة
فقد اشارت والدته لهم بموافقته
فجأة تلبستني كل الأمنيات في لحظة
الفستان الابيض .. الطرحة
مسكة الورود الحمراء
وهو أمامي
يرسم المستقبل مضيئاً ملوناً بالفرح
والسعادة حطّت على قلبي
كقطرات المطر حين تحيي السنابل
لم تكن أصواتهم أعلى من صوت قلبي الذي تعلّم الطيران اليه
في لحظة
هاهي السعادة شرّعت لي أبوابها
وفرشت لي سجادة حمراء معطرة بالزهور
مشهدٌ كنتُ استحضره بدخولي هنا كل يوم
سبعة عشر يوماً متتالياً
كنتُ أُعيد الشريط بكل احاسيسه
ورائحته
والوانه
وفي يوم ما
بينما كنتُ أنا هنا
أعيش الحالة الممتعة
سمعت هاتف المنزل يرن
والدتي تجيب
تتحدث قليلاً وتصمت كثيراً
وتعود تتحدث
طالت المكالمة
تنتهي منها وتُجري فوراً مكالمة أخرى
كانت خالتي
امي تبلغها بألم
أنهم هاتفوها معتذرين
ليس هناك نصيب
وقتها توقف الزمن بالنسبة لي
تفتت المشهد الذي كان قائماً أمامي
ذابت الاحاسيس العذبة بين ثنايا الأرائك
انسابت الفرحه على اطراف الستائر
واستقرت ارضاً
سمعتُ خطوات امي تقترب من الباب ثم تتراجع
كانت تعلم اني في الداخل
لعلها فضّلت ان استكمل الحلم قبل ان توقظني منه
استرجعت كلمة يعتذرون
عن ماذا بالضبط يعتذرون !
عن كسر قلبي
عن قتل احلامي
عن دفن تلك الامنيات
عن ماذا يعتذرون
عن تحويلهم لروضتي التي كنت اختال فيها الى كهف صقيع
وبقايا صور و اشباح
وتلك الاصوات الحية في داخلي استحالت صدى يبتعد شيئاٍ فشيئا
لماذا ارتعش الآن كأن الأمر حدث تواً !
لماذا اشهق بالبكاء ألأني لم اكتفِ من تلك الصدمة
لقد انتظرته
حلمتُ به
وناديته بصمتٍ
وبدعاء
ليأتي ينتزع مني روحي
ويغادر
ثم يعتذر!
..
إن بعضهم لا أتورع أن أطلق عليه ( ابن أمه)
ردحذفإنه ليس رجلاً أبداً
إذا أومأالرجل بالموافقة وارتسم الفرح
فعليه أن يكمل الطريق مهما تكاثر المرجفون
ففي حال كهذه لن أسمع غير نداء قلبي
.................................
قلم رائع يا نجوى
لا عدمت وهج حروفك
مدونة راقية
هذا رابط مدونتي
ردحذفhttp://ashiqalbaher.wordpress.com/