الجمعة، 27 يناير 2012

رقصة لم تكتمل








رقصةٌ لم تكتمل ...


مدّ يده ..
قال : راقصيني على أنغام العمر ..
كانت يدي على صدري ..
تلامس طقطقة ضلوعي حين اعتلتها الشهقات ..
مددتها اليه ..
عيناي تسكن في ملامحه ..

وقفت ..
وتوقفت ساعة الزمن ..
أمسكت بكل قواي بتلك اللحظة ..
أعيشها بكل حواسي ..

اقترب جسدانا ..
وضعتُ يدي الاخرى على كتفه ..
أحاطني .. شعر بارتعادي ..
همس لي .. اهدأي .. اطمئني ..
تنفستُ عطره .. عدتُ الى ذكرياتي ..
تبسمتُ ..
واستنشقتُ حرارة اقترابه ..

لاشئ .. سوى صوت الموسيقى 
يحركني ..
تصارعت افكاري .. 
ومضت أمامي صور وانا انظر من فوق كتفه ..
لحظاتٌ حرجه ..
كنت فيها ..
حيرة المت بي ..

قلبي ينشده وأنا .. أنشد قلبي الرحمة ..
الرحمة ..

تحجرت دموع في عيني ..
التفت .. 
نظر الى عيني ..
فاضت شلالات وجدي ..
توقفنا ..

سألني في ذهول ..

صمت .. سكون ..
فقط لغة العيون هنا تحكي ..

سحبت يدي بهدوء ..
اخرجتُ جسدي منه ..

أرجوك يكفي ..
كانت آخر كلماتي ..


ورحلت .. 




..

وكان آخر لقاء






وصلت إلى المقهى فلم تجده .. نظرت الى الساعة .. فوجدت انها أبكرت بقدومها ..
اختارت الانتظار ..


جلست على إحدى الطاولات ..
لم تأخذ شيئاً .. فضلت انتظاره ..


ليظهر من بين المارة ماشياً بقدمين مثقلتين ..
يدفع الباب .. يدخل ..


تاخذ هي نفساً عميقاً ..
تشير له بيدها وترسم على وجهها ابتسامة باهتة ..


يلقي السلام ويجلس امامها ..
يتكئ على الطاولة واضعاً يديه تحت ذقنه ..
ماذا تشربين يسألها ..


ترد : لا شئ ..


فيطلب كوبان من الماء ..
يأخذ نفساً عميقاً ..


يتحاشى كل منهما النظر الى عيني الآخر ..
تمر الدقائق .. ويستمر الصمت 


لا يكسره سوى صوت كوبا الماء على الطاولة ..
يخبرها أن موعد سفره في الغد .. وانه سيصطحب الابن الأكبر معه ..


تنظر اليه محدقة ..
تلتزم الصمت وتشيح بوجهها 


اذا احتاجت ابنتنا شئاً اخبريني .. يقول لها..


تبتسم بسخرية .. تتنهد ..
تمر الدقائق تتوتر الاجواء .. يكادان يختنقان بالهدوء المصطنع ..


ترد : لنقل وداعاً اذن ..
فيرد : نعم 
تقف 


تمسك حقيبتها وتتجهه للخروج ..
تحاول رفع قامتها ..
تصل الى الباب .. تلتفقت اليه ..
تلتقي عيناهما 
يتوقف بينهما الزمن لبرهة .. جزء من الثانية مرت فيه أزمان ..


توشك أن تعود الى الطاولة ..
يوشك أن يقف ليناديها ..


تنتظرُ منه .. وينتظرُ منها


واذ بصوت إمرأة خلفها : لو سمحتِ أريد الخروج ..
لتدرك فجاة أنها تقف في طريقها ..
ترتبك .. تتراجع لتخرج المراة 
تدور حول نفسها كمن يبحث عن ضالته ..


تخرج ..


تسير على الرصيف تدق الأرض بخطواتها المقهورة ودموعها المتحجرة ..


يجلس ..


محدقاً في كوب الماء الذي لم تشرب منه شئ ..


لقد كان آخر لقاء بينهما ..






.

انكسار انثى ..






إرضَ عــــنـــــي ..

قالتها منكسرة أمامه بعد ليلةٍ عاصفة , وهو يقف ينظر اليها في برود ويزرر ثوبهُ ..
لا يــرد ..

يلتفتُ الى المرآة ويرفع شماغهُ على رأسه ..

مدت يدها بالعقال ..

تناولهُ بسرعة ..

رَضِــــيــــت .. قالتها ثانيةً ..

وهو يثبتُ عقاله ..ويجري التعديلات على شماغه ..

أمسك زجاجة العطر بشراهة .. وعبىء بها أجواء الغرفة ..

وهي تنظرُ في لهفةً وتنتظر ..

التفت جهتها .. ومرّ ماشياً بجانبها كأنها طيف ..

يتلمسُ جيوبه بيديه ويتفقد حاجياته ..

خرج من الغرفة ..

ومن هناك صرخ .. الجوال !

ركضت اليه .. هاهو الجوال تفضل ,قالت 

سحبهُ من يدها واتجه الى الباب ..

مــــــع الــــســلامــــة .. قالتها بهدوء يائس ..

رد عليها بصفقة الباب ..

وقفت ,تنهدت 

ثم عادت الى الغرفة تجمع ملابسهُ الملقاة على الأرض ..



..

الأحد، 22 يناير 2012

غيرة ..







ملأتني الدهشة حين رأيته معها في احدى المجمعات التجارية 
لم اتمالك نفسي واستمريت في التحديق فيهما 
يلمس يدها وهي تتمايل بابتسامة ليست بريئة !
اشتعلت الغيرة في جسدي وأصبحت أشعر بسخونة فظيعة 
احمر وجهي وبدا عليّ الارتباك
ياالهي كم اكره شعور الغيرة حين لا استطيع مداراتها كالنار تتوقد في جسدي وعقلي
نظرت اليّ صديقتي : ليان مابك !
أنا : لا شئ لنغادر من هنا فوراً
- لكننا وصلتا للتو لنكمل التسوق 
- لا بأس لنعد مرة اخرى


وبينما نحن على وشك المغادرة سمعتُ صوتاً يناديني 
انه هو تلطف بي يالله 
كيف ازيف ملامحي امامه
التفت .. 
 هاهو قادم اليّ وهي بجانبه ممسكاً يدها 
حلم .. كان كالحلم شعرت اني في فيلم والمشهد يمر بالبطيء
لست ارى احداً ارى فقط دوامة ستحاصرني عما قريب 
وقف أمامي ومدّ يده لمصافحتي
مددتُ يدي وصافحته ثم صافح صديقتي 
ثم بدأت رحلة عذابي القصيرة جداً الموجعة جداً 
بابتسامة عريضة قال :
ليان اعرفك بلينا خطيبتي .. لينا هذه ليان اعز صديقاتي
توقف .. هذا المشهد يجب ان يتوقف .. يتوقف كثيراً 
خطيبته !!.. توقعت ولم ارد ان اصدق .. بل انكرت
تمد يدها بابتسامة عريضة وحماس :
- اهلا ليان حدثني مازن عنك كثيراً ، جميل أني تعرفت عليك ..
حدثك ! .. تكهرب في رأسي الف علامة تعجب  فسألتها متهكمة  متوترة منفعلة بابتسامة صفراء :
-  ولما يحدثك عني !
- لانك أعز صديقاته ، هكذا قال لي  وارجو أن تكوني لي كذلك ايضاً 
رفعتُ حاجبي وبنبرة سخرية اجبتها :
- حقاً .. لابد طالما أني صديقة خطيبك 
رباه .. من يشعر ببركاني من يقيس حرارتي ماذا يحدث ! 
يجب ان ينتهي هذا المشهد سريعاً .. لم اعد احتمل 
- فرصة سعيدة  .. قلتها بسرعة 
وبادرتهم بالوداع ثم التفتُ الى صديقتي 
- هيا لدينا الكثير من الامور
سارت معي وهي تقريباً قد أدركت كل الرواية 
- هاه .. اذن خطيبته ! لماذا يبدو هذا الشاب مألوف الملامح لدي ؟ آه تذكرت اليس هو من تحتفظين بصورته في محفظتك وحين سألتك عنه يوماً لم تجيبي فاحترمت خصوصيتك في الأمر !
- نعم هو .. الم تسمعي ماقالت انا صديقته المفضلة
- وتلك خطيبته 
- نعم .. لا يتزوج الشاب من صديقته المفضلة !
اقولها بوجه متجهم .. مقهورة المشاعر 
- يالسخرية القدر ، اسمها قريب من اسمك ! غريبة بعض الصدف .. صحيح ؟


نتهكم ونحن نسير الى بواية الخروج ، فأنا اجيد التهكم جداً حين تحاصرني مشاعري الحزينة .. 
انتظري يا أنا هناك فوق السرير مخدتين اطفئ النور واطلقي فيها ارتعاشات قلبك المصدوم لاحقاً ليس الان .. اهدأي 
هكذا كنت احدث نفسي ..
تلتفت صديقتي التي يقتلها الفضول ثم تنكزني بذراعها :
- انظري يبدو أنهم لا يشعرون بالناس من حولهم ..
- نعم .. الم تري اللمعة في أعينيهم 
- اوه .. لم انتبه لذلك .. انك تجيدين النظر الى أعين الناس 
- لا ياعزيزتي .. انا أجيد النظر الى عينيه .








..

الأربعاء، 11 يناير 2012

لحظةُ انفجار



تركت قدر الطعام على النار واتجهت مسرعةً الى غرفتها
كان جالساً امام التلفاز يرفع الصوت عالياً علّه يشتت احاديث نفسه ..
ارتدت عباءتها بحزم وشدة وهي تنوي الرحيل ..
وفي داخلها تمتمات :
مضى العمر وانا صابرة مشنوقة بحبل الحسرة .. الى متى ..!
أمام باب الغرفة طفلاها ينظران في دهشة ..
تجاوزتهما وخرجت مصفقةً الباب ..
توجه الطفلان اليه يصرخان :
خرجت .. لبست عباءتها وخرجت ..
في تلك اللحظة سُمع صوت الباب وهو يهز جدران المنزل  ..
ركضت الى الخارج حافية القدمين على غير هدى تقطع مسافات العمر وآلامه
 تدوس على الذكريات
يتساقط منها انين القهر ومرارة الصبر
 تتدحرج امام خطواتها الاحلام :
يكفي هذا يكفي .. ترددها بانفاس لاهثة تضج بها الضلوع ..
 سأرحل بعيدا ولن اعود  ومضت ..
 فتح الباب لم يصدق ما تراه عيناه .. طيف عباءتها من بعيد .. جمدته الدهشة :
لقد جُنت يبرر لنفسه انفجارها ..
تفوح رائحة طعام يحترق .. يتجه الى المطبخ الذي غطاه الدخان ..
يطفئ النار ويخرج الطفلين ويجلسون على عتبة الدار .. في انتظار .. خروج الدخان وعودة الامان ..
أمطرت السماء .. بدأت خطواتها في التباطؤ ..
اتجهت الى جدار مسجد قريب .. فاذ بمتسولة تجلس بالقرب  تلملم حاجياتها مسرعة خشية المطر ومعها طفلان تحملهما في رباط معلق على ظهرها
تدخل الى كراج سيارة قريب وتجلس ..
التفتت المتسولة اليها واشارت بيدها تدعوها لمشاركتها المكان ..
سارت اليها وجلست ..
فتحت المتسولة جعبتها واخرجت طفلها وناولته ثديها
 واخرجت من كيس معها قطعة خبز وبقايا برتقالة وناولتها الآخر ..
 ابتسمت وعلت وجهها الراحة والطمأنينة ..
هذا المشهد امامها اثار الحيرة في نفسها ..
وتساءلت أنى لهذه المرأة السعادة في هذه الحال ..!
لم تتمالك نفسها خبأت وجهها بيديها وملأت كفيها بالدموع وعلت شهقاتها ..
قامت اليها المرأة اعطتها قطعة قماش تمسح بها وجهها ..
وضعت المتسولة يدها على ظهرها وهي تردد الله كريم الله كريم ..
 هدأت .. تأملت الطفلان .. تأملت السماء .. تأملت الارض تأملت .. الله كريم ..
في تلك اللحظة اقيمت الصلاة ..وأخذت آيات القرآن تتردد في المدى :
يالله خرجتُ هائمة على وجهي لا اعلم اين المسير ابحث عن مكان لا شقاء فيه فأين المفر !..
 توقف المطر ..
 وقفت تنظرالى المتسولة وصغارها وابتسمت  :
كم انت عظيمة وكم أنا متسولة ..
عادت ادراجها وحين وصولها وجدته جالساً مع الاطفال على عتبة الدار ..
 احتضنت طفليها وهو ينظر بصمت اليها والى مافعلت ..
رمقته بنظرة وتنهيدة ثم دخلت .. 



.. 

الثلاثاء، 3 يناير 2012

شبحٌ يعتذر





من منذ مدة طويلة لم أدخل الى هذا المجلس
عجباً .. ليست طويلة 
شهرٌ واحدٌ فقط
لكن حين اقارنها بعدد المرات التي كنتُ أدخل فيها هنا كل يوم
أجد شهراً مدةً طويلة جداً
مازالت رائحةِ العود الأزرق الممزوجةُ بريح عطرة تتمسك بالأرائك والستائر
منذُ آخرِ زيارةٍ له
منذ تلك الليلة
جلس هناك قرب النافذة
وجسلتُ أنا هنا على هذه الاريكة المفردة
كان حضوره طاغياً 
ذلك ما التقطته عيناي حين رفعتُ نظري اليه
كان ينظرُ اليّ مباشرة
وكنتُ أنا غارقةً في خجلي وارتباكي
أصابعي  
تشهد تلك اللحظة 
فقد اعتصرتُها بين يدي حتى احمّرت
حذائي ذو الكعب العالي
يشهد ارتعاشة ساقيّ
لن أنسى حركة رجله المتوترة
وشفاهه التي كانت أسنانه تمزق غشاءها الخارجي
وفنجان القهوة المنتفض في يده
وقلبي 
حين خفق من أول كلمة قالها
وابتسامته 
حين رفعتُ رأسي لأجدها تشع على وجهه
وفي يده علبةٌ حمراء فيها اسوارة ذهبية
اقترب 
فأصبحتُ في سكرة الحلم
مدّ يده 
وتناولتُ منه الهدية
وعاد حاملاً معه كل آمالي
كأن المكان خالياً من سواه
لا أسمع كلمة من أحد
فقط صوته حين كان يتحدث مع والدته
وصوت زغاريد من الخارج قادمة
فقد اشارت والدته لهم بموافقته
فجأة تلبستني كل الأمنيات في لحظة
الفستان الابيض .. الطرحة
مسكة الورود الحمراء
وهو أمامي
يرسم المستقبل مضيئاً ملوناً بالفرح
والسعادة حطّت على قلبي
كقطرات المطر حين تحيي السنابل
لم تكن أصواتهم أعلى من صوت قلبي الذي تعلّم الطيران اليه
في لحظة
هاهي السعادة شرّعت لي أبوابها
وفرشت لي سجادة حمراء معطرة بالزهور
مشهدٌ كنتُ استحضره بدخولي هنا كل يوم 
سبعة عشر يوماً متتالياً
كنتُ أُعيد الشريط بكل احاسيسه
ورائحته
والوانه
وفي يوم ما 
بينما كنتُ أنا هنا 
أعيش الحالة الممتعة
سمعت هاتف المنزل يرن
والدتي تجيب
تتحدث قليلاً وتصمت كثيراً
وتعود تتحدث 
طالت المكالمة
تنتهي منها وتُجري فوراً مكالمة أخرى 
كانت خالتي 
امي تبلغها بألم
أنهم هاتفوها معتذرين 
ليس هناك نصيب
وقتها توقف الزمن بالنسبة لي
تفتت المشهد الذي كان قائماً أمامي
ذابت الاحاسيس العذبة بين ثنايا الأرائك
انسابت الفرحه على اطراف الستائر
واستقرت ارضاً
سمعتُ خطوات امي تقترب من الباب ثم تتراجع
كانت تعلم اني في الداخل
لعلها فضّلت ان استكمل الحلم قبل ان توقظني منه
استرجعت كلمة يعتذرون
عن ماذا بالضبط يعتذرون !
عن كسر قلبي
عن قتل احلامي
عن دفن تلك الامنيات 
عن ماذا يعتذرون
عن تحويلهم لروضتي التي كنت اختال فيها الى كهف صقيع
وبقايا صور و اشباح
وتلك الاصوات الحية في داخلي استحالت صدى يبتعد شيئاٍ فشيئا
لماذا ارتعش الآن كأن الأمر حدث تواً !
لماذا اشهق بالبكاء ألأني لم اكتفِ من تلك الصدمة
لقد انتظرته
حلمتُ به
وناديته بصمتٍ
وبدعاء
ليأتي ينتزع مني روحي
ويغادر
ثم يعتذر! 




..