الاثنين، 7 مايو 2012

هذا الوجع يا أبي ..




أَجلس اُطعم والدي بيدي وجبة الافطار 
ككل صباح اقنعهُ اولاً أني ابنتهُ لكي يقبل الأكل من يدي
فمنذ اصابته بمرض ال زهايمر وهو يعاني افتقاد الألفة
كل يوم أعرفه بنفسي لكي يسمح لي بالاقتراب منه
هذا اليوم مختلف ..
هو عيد ميلادي
والذكريات تنهال عليّ بدفق حزين ..


اليس من الغرابةِ أن الإنسان الذي علمني لغة الكلام والتعبير
واسماء الاشياء اعلمهُ أنا  ..!


جالسةٌ الآن اتأمل عينيه التائهتين
مليئةٌ بالشرود والخوف


قبل يومين استيقظت من نومي فزعةً على صوت ندائه لامي
نهضتُ فإذ به يقف في وسط الدار
وينادي عليها بألم .. حاولت تهدئته لكنه استمر في النداء بصوت عالي
اجلستهُ ونظرتُ اليه ممسكةً وجهه بين يدي
أبي أبي .. أمي بعيدة لا تسمعك 
فينهرني ويبعدني وينادي عليها
حاولت تهدئته لكني فشلت فانتابتني حالة بكاء حادة
احتضنته وبكيت
فإذ به يهدأ 
نظرتُ اليه فسألني : من انتِ ؟
أين أنا ؟
فاخبرته .. انا ابنتك .. أنت في بيتي يا أبي
واستغرقت في اقناعه مدة


تذكرتُ يوماً من طفولتي .. سألته عن سبب موت قطتي
وأنا أعتصر حزنا .. فاحتضنني 
وقال : أن الكائنات حين تمرض أجسادها فإن روحها تصعد الى السماء
وتبقى هناك تنتظرنا .. وتنظر الينا
استغرقت مدةً لكي اهدأ واقتنع بما يقول ..


وأنا الآن انظر اليه شارداً في اللاشيء
يسأل عن كل الاشياء وعن كل الوجوه ..
شعور غريب .. ألم مختلف يكاد يكون شعور بالعجز ..


اذكر يوماً أنه اهداني في عيد ميلادي السادس دراجة
بذل كل جهده في تعليمي كيفية قيادتها ..
وفي اليوم التالي أخذني الى الحديقة كأول تجربة اداء 
ولسوء الحظ وقعتُ عنها وقعة مؤلمة ..
اذكر انه قفز الي يحتضني وانا ابكي 
كلماته مازالت في اذني : حبيبتي لا تبكي هكذا الحياة تعطينا الدروس لتعلمنا
ونصبح اقوياء ..
كم هي اليمة هذه الدروس يا أبي
توصلنا الى الحيرة والعجز أمام من نحبهم ونخاف عليهم
لم يكن هذا أبدا في حسباني
أن يسلب العجز قوة الرجل الذي يحميني 
أن يضيع ويتركني أبحث عن اتصال معه ليتعرف اليّ ..!


انظرُ الي عينيه الآن .. لا شيء يُشغل تفكيره الا شرود .. 
وخوفٌ احيانا ..
ووجعٌ في قلبي معظم الأحيان .. 






..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق