الأحد، 20 مايو 2012

قصة



الزمن : الوقت الحالي
الاحداث : الثمانينات
فاطمة تبكي والدها الذي لم تعرفه يوما فقد هجرها ووالدتها منذ مايقارب 23 سنة
اتجه الى افغانستان في ركب مجموعة سموا انفسهم بالمجاهدين
قرأت اسمه بالصدفة بين مجموعة من اسرى جوانتنامو
جدتها المقعدة فقدت بصرها بعد ان اخذه الحزن وبكاء الليالي الطويلة
كان تحتاج اليه خصوصاً بعد ان اصيب ابنها الآخرنتيجة تعرضه لحادث سير وتأخر فريق
الاسعاف لنجدته وبسبب نزيف دماغي دخل في غيبوبة طويلة استيقظ بعدها مصاب بشلل رباعي
نورة "الجده" تحكي لفاطمة عن ذكريات قديمة بعضها مضحك وبعضها الآخر حزين
عن ابنيها قبل ان يضيعا , كان لهما ابنا عم علي وصالح نشأوا معا كعائلة
تربطهم الاخوة وعرى الاسرة الواحدة كان لهما من المغامرات ما جعلهم يُسمَون بشياطين الحارة
تذكر ان في حفلة عرس احد ابناء الجماعة اوكل والد العريس الى اولادها مهمة حمل خرفان الوليمة
الى المطبخ الذي سيعد عشاء الحفل فما كان منهما الا ان ارسلا الى ابناء عمهما , بدلاً من ذبح الخرفان
استولوا عليها واتجهوا بها الى الساحل حيث قاموا ببيعها وتقاسموا ثمنها تاركين اصحاب العرس في ورطة
سافروا بعدها معا الى اليمن مكثوا هناك حوالي اسبوعين
وخلال تلك المدة حدث ما حدث في القرية وبين الجماعة واضطر الجد ان يدفع ثمن الخرفان لوالد العريس
ويتكفل له بعزيمة على نفقته الخاصة
لكن المؤسف انهم عادوا بلا (علي ) اصغرهم سناً فقدوه ثاني ايام  وصولهم ولم يدركوا له اثر فعادوا بدونه
قامت الدنيا ولم تقعد ليلة وصولهم ناسين سرقت الذبائح منشغلين بعلى الذي لم يعد
انتظروه ,ارسلو في طلبه ولم يعلموا له طريق جاءتهم بعض الاخبار بعد سنة تقريبا انه جماعة رأوه
في حملة متوجهه الى الحبشة وآخرون يقولون انهم رأوه قد التحق بمجموعة مسلحين هناك
ثم انقطعت اخباره ولم يعرف عنه احد شيء بعدها
صالح ورث عن جده ووالده الكثير من الاملاك  , تزوج بامرأتين وانجب الكثير من الابناء ولكن لم يبر به احد منهم
وهو الآن في دار رعاية العجزة وحيداً
اما ابناء نورة عبدالله ومحسن فلم يكونوا بحظ علي , فعبدالله سلك طريق المجاهدين ولم يعد
ومحسن تعرض بعد سفر اخيه الى حادث مرير
مازالت نورة تبكي شقاء عُمر اولئك الفتية الذين لم يُكتب لهم مستقبل سعيد
وفاطمة ترى ان لو كان الزمن اختلف لما تعرضوا لكل تلك المآسي والخطوب
فالعالم اليوم قرية صغيرة الكل في حالة اتصال دائم حتى وان بدا اتصال ليس فيه عاطفة لكنه يجعلك
في ترابط مع العالم وتواصل مستمر وعلم بكل حدث صغيرا كان ام كبيرا

الاثنين، 7 مايو 2012

هذا الوجع يا أبي ..




أَجلس اُطعم والدي بيدي وجبة الافطار 
ككل صباح اقنعهُ اولاً أني ابنتهُ لكي يقبل الأكل من يدي
فمنذ اصابته بمرض ال زهايمر وهو يعاني افتقاد الألفة
كل يوم أعرفه بنفسي لكي يسمح لي بالاقتراب منه
هذا اليوم مختلف ..
هو عيد ميلادي
والذكريات تنهال عليّ بدفق حزين ..


اليس من الغرابةِ أن الإنسان الذي علمني لغة الكلام والتعبير
واسماء الاشياء اعلمهُ أنا  ..!


جالسةٌ الآن اتأمل عينيه التائهتين
مليئةٌ بالشرود والخوف


قبل يومين استيقظت من نومي فزعةً على صوت ندائه لامي
نهضتُ فإذ به يقف في وسط الدار
وينادي عليها بألم .. حاولت تهدئته لكنه استمر في النداء بصوت عالي
اجلستهُ ونظرتُ اليه ممسكةً وجهه بين يدي
أبي أبي .. أمي بعيدة لا تسمعك 
فينهرني ويبعدني وينادي عليها
حاولت تهدئته لكني فشلت فانتابتني حالة بكاء حادة
احتضنته وبكيت
فإذ به يهدأ 
نظرتُ اليه فسألني : من انتِ ؟
أين أنا ؟
فاخبرته .. انا ابنتك .. أنت في بيتي يا أبي
واستغرقت في اقناعه مدة


تذكرتُ يوماً من طفولتي .. سألته عن سبب موت قطتي
وأنا أعتصر حزنا .. فاحتضنني 
وقال : أن الكائنات حين تمرض أجسادها فإن روحها تصعد الى السماء
وتبقى هناك تنتظرنا .. وتنظر الينا
استغرقت مدةً لكي اهدأ واقتنع بما يقول ..


وأنا الآن انظر اليه شارداً في اللاشيء
يسأل عن كل الاشياء وعن كل الوجوه ..
شعور غريب .. ألم مختلف يكاد يكون شعور بالعجز ..


اذكر يوماً أنه اهداني في عيد ميلادي السادس دراجة
بذل كل جهده في تعليمي كيفية قيادتها ..
وفي اليوم التالي أخذني الى الحديقة كأول تجربة اداء 
ولسوء الحظ وقعتُ عنها وقعة مؤلمة ..
اذكر انه قفز الي يحتضني وانا ابكي 
كلماته مازالت في اذني : حبيبتي لا تبكي هكذا الحياة تعطينا الدروس لتعلمنا
ونصبح اقوياء ..
كم هي اليمة هذه الدروس يا أبي
توصلنا الى الحيرة والعجز أمام من نحبهم ونخاف عليهم
لم يكن هذا أبدا في حسباني
أن يسلب العجز قوة الرجل الذي يحميني 
أن يضيع ويتركني أبحث عن اتصال معه ليتعرف اليّ ..!


انظرُ الي عينيه الآن .. لا شيء يُشغل تفكيره الا شرود .. 
وخوفٌ احيانا ..
ووجعٌ في قلبي معظم الأحيان .. 






..