الثلاثاء، 15 يناير 2013

الهام من مقطع موسيقي ..







ذلك الفستان من الشيفون يعانق جسدها بحميمية تلك المقطوعةالموسيقيةالتي يتراقصان معاً عليها ..
يده الدافئة تضم جسدها الى صدره المغمور بعاطفة مشبوبة تجاهها..
يتأمل عينيها الذابلتين ،وجسده مع جسدها يتمايلان كزهرتي قرنفل يحركهما النسيم..
عشقٌ مسيطرٌ في ذراتِ هواءِ الغرفة 
واضاءةٌ متوهجةٌ بالفرح ..
تتداخل أنفاسهما بحرارةِ النبضِ الذي يرتفعُ تدريجياً ..
 تسير بهما الموسيقى الى علوٍ شاهقٍ من المشاعر المتدفقة كشلال ..
سكنت ملامح كلٍ منهما في عقل وقلب الآخر ..
فاصل زمني من العمر يفصلهما عن كل شيء حولهما ..
هي .. وهو .. وموسيقى .. 
ورقصة ختامية على مسرح حياة أخرى ..
أو حلم .. أو ربما مقطعٌ من رواية ..



نجوى ..



الأربعاء، 12 ديسمبر 2012

الركــــــــــن المظلـــــــم





قد يحدث أن شخصاً ما جالسا في ركنهِ المظلم حاملاً رأسه بيديه مثقلاً بهمومِ عمره الذي لم يتجاوز الخامسة والعشرين ..ناظراً ببؤس عينيه إلى مآسيه المرة 
مقطبا شفتيه التي أطبقت عن الكلمات .. في نظرته عمقٌ لا نهاية له كبئر ماء بلغت ظلمته البحر اللجي وبينما هو بصور الحسرات تقفز إحداها فوق الأخرى 
إذ به يسمع أصواتا تجئ من خلف بابه الموصد..يقف مستنداً على يديه كالذي أعياه المرض ونال من جسده الوهن.. يمشي بدون استقامة باتجاه الباب يحاول فهم تلك الأصوات لكنه يعجز عن ذلك فيضطر إلى فتح الباب محاولاً استراق السمع تروح عيناه هنا وهناك انه يقتنص بعض الصور ويسترق بعض الكلام ..يغريه الفضول فيخرج رأسه من فتحة الباب لعله يرى أكثر ويسمع أكثر .. إن هذا الفضول الفطري لديه قد يجعله يتقدم خارجاً من ذلك الباب..رغم ذلك الجمود في ملامحه إلا انك قد تشعر بلمحة أمل تحفزه .. يخرج وهو يخطو بخطوات مرتبكة لكنها سرعان ما تثبت وتتقدم بثقة، يرى أزهاراً يحاول شم عبيرها ينظر خلسة هنا وهناك هل يمكن أن ينتقده احد لكنه شمها بل تنفسها أصبح شذاها يعبق في صدره .. يلمح طيورا ترفرف بأجنحتها فيبتهج لبهجتها ترتسم على وجهه ابتسامة قل ما الفتها شفتيه
يعدو بقدمين تكاد لا تلامس الأرض ،تلاحق مقلتاه فراشات بألوان السماء وتداعب أجفانه خيوطاً من أشعة الشمس المتلألأه ،يسمع نغماتٍ كونيه تراقص فؤاده وضحكات أطفال يركضون في شارع الحياة ، ويقف تحت دوحة قد مدت بأغصانها المثقلة بالخضرة والزهور لتكون ظلا ربانيا من صنع الخالق،يرفع ناظريه إلى الأعلى ويمد يديه كجناحان يراقصان النسمات،ويدور ككوب في مجرته السماوية متناغماً مع عناصر الحياة ومتناسقاً مع نسقها وكأن أمه الشمس تمده بطاقتها الروحية المتقدة تسبيحاً وتعظيماً لخالقها ، لا يخالجه خوف
ولا تخالطه ظنون ، مع كل نبضة من نبضاته تنبت بذرة في أرض مرويةٍ بالأمل والرجاء تشرق نفسه فرحا وسعادة ينشر بضحكته السرور في كل حي حوله بل في كل شي حتى ما نعتقده جمادا ، لا شئ جمادٌ حوله كلهم خَلقُ الرحمن ، تهتز ذرات مكوناتهم حمداً وتهليلاً بأصوات استطاع هو إدراكها ، كل نغمةٍ في الحياة تزهو بصانعها وهو يزهو بملذات ربه التي أباحها ، لقد انتظم مع المنظومة الكونية التي لا يخالجها خطأ ولا انحراف
لكن ، قد لا يخرج من ذلك الباب ، قد يغلب فضوله ويوصد الباب كأشد مما كان قد يركض متخبطا عائداً إلى ركنه المظلم يجلس فيه واضعاً يديه على أذنيه مطبقا عينيه يرتعد جسده خوفاً من المجهول تزداد ضربات قلبه اضطرابا ، يتبلل جبينه عرقا ، تتسابق أنفاسه حرقة
 لا تجد الدموع لعينيه طريقاً جف نبعها كما جف لعابه ، هو الآن تلتهمه الهواجس تحيره الأفكار، يريد ويخاف يرجو وييأس أحاط روحه بالمحبطات  تفترسه الوساوس
يُشعل القلق رأسه شيبا ، لقد طلع النهار وهو على حاله ، ذلك النور الذي لا يعرف لغرفته طريق فقد البس زجاج نافذته جلادا سميكا وأسدل عليها ستائر عازله  ، قد يبقى أياماً وأسابيع بل وشهور ، وفجأة يبكي يزلزله الحزن ، يصرخ يسقط أرضا باكياً بحرقه ، يدفعه حب البقاء للنهوض من جديد دون رغبة منه ، يفتح الباب أخيراً ويخرج ولكن ليته لم يخرج
فقد رانت على قلبه قسوة الجبابرة وبلادة الجلادين وحسرة المحرومين ، يخرج بعينين تبث شعاع الكراهية والحقد على ماحوله كل من هو عكسي هو ضدي لا يلفته طير ولازهر ولا شعاع شمس مشرقه..
انه يعجز عن مجارات الكون..يقف في وجه التناغم راغبا أن يخضع المنظومة لفوضويته كل تغريدة حرام وكل رقصة عيب ..يؤلف الأحكام ويسن العادات ..كل جميل في نظره مكروه ..كل ابتسامة بدعه ..كل سنة كونية عقاب .. لا يكتفي يطارد أجنحة تلك الفراشات يمنعها من الرفرفة  يخنق حنجرة العصفور،يحرم كل الألوان ويسمح عفوه بلون واحد هو الرمادي التعيس .. كل شي حوله جماد حتى البشر .. ضحكات الطفولة عنده لها مغزى خارج عن عرف احكامه..لا يليق بجبروته وطغيانه .. يجب أن يكون الكل مثله انه لا يحتمل الم أن يوافق احد فطرته السليمة التي فطره الخالق عليها
من وجهة نظره لا مخلوق في الكون سواه ولا يستحق أن يطوف بالبيت إلا هو..
وما دونه فهو دونه ..ما أبشع أن نتخيل أن لا يفتح الباب ويخرج بفضول الإنسان الفطري ما أبشع أن ينتظر حتى تزهده روحه وتعافه نفسه ..حينها تصبح الصورة مشوهه يكون الركن المظلم مسرح النهاية ..

النهاية



الأحد، 20 مايو 2012

قصة



الزمن : الوقت الحالي
الاحداث : الثمانينات
فاطمة تبكي والدها الذي لم تعرفه يوما فقد هجرها ووالدتها منذ مايقارب 23 سنة
اتجه الى افغانستان في ركب مجموعة سموا انفسهم بالمجاهدين
قرأت اسمه بالصدفة بين مجموعة من اسرى جوانتنامو
جدتها المقعدة فقدت بصرها بعد ان اخذه الحزن وبكاء الليالي الطويلة
كان تحتاج اليه خصوصاً بعد ان اصيب ابنها الآخرنتيجة تعرضه لحادث سير وتأخر فريق
الاسعاف لنجدته وبسبب نزيف دماغي دخل في غيبوبة طويلة استيقظ بعدها مصاب بشلل رباعي
نورة "الجده" تحكي لفاطمة عن ذكريات قديمة بعضها مضحك وبعضها الآخر حزين
عن ابنيها قبل ان يضيعا , كان لهما ابنا عم علي وصالح نشأوا معا كعائلة
تربطهم الاخوة وعرى الاسرة الواحدة كان لهما من المغامرات ما جعلهم يُسمَون بشياطين الحارة
تذكر ان في حفلة عرس احد ابناء الجماعة اوكل والد العريس الى اولادها مهمة حمل خرفان الوليمة
الى المطبخ الذي سيعد عشاء الحفل فما كان منهما الا ان ارسلا الى ابناء عمهما , بدلاً من ذبح الخرفان
استولوا عليها واتجهوا بها الى الساحل حيث قاموا ببيعها وتقاسموا ثمنها تاركين اصحاب العرس في ورطة
سافروا بعدها معا الى اليمن مكثوا هناك حوالي اسبوعين
وخلال تلك المدة حدث ما حدث في القرية وبين الجماعة واضطر الجد ان يدفع ثمن الخرفان لوالد العريس
ويتكفل له بعزيمة على نفقته الخاصة
لكن المؤسف انهم عادوا بلا (علي ) اصغرهم سناً فقدوه ثاني ايام  وصولهم ولم يدركوا له اثر فعادوا بدونه
قامت الدنيا ولم تقعد ليلة وصولهم ناسين سرقت الذبائح منشغلين بعلى الذي لم يعد
انتظروه ,ارسلو في طلبه ولم يعلموا له طريق جاءتهم بعض الاخبار بعد سنة تقريبا انه جماعة رأوه
في حملة متوجهه الى الحبشة وآخرون يقولون انهم رأوه قد التحق بمجموعة مسلحين هناك
ثم انقطعت اخباره ولم يعرف عنه احد شيء بعدها
صالح ورث عن جده ووالده الكثير من الاملاك  , تزوج بامرأتين وانجب الكثير من الابناء ولكن لم يبر به احد منهم
وهو الآن في دار رعاية العجزة وحيداً
اما ابناء نورة عبدالله ومحسن فلم يكونوا بحظ علي , فعبدالله سلك طريق المجاهدين ولم يعد
ومحسن تعرض بعد سفر اخيه الى حادث مرير
مازالت نورة تبكي شقاء عُمر اولئك الفتية الذين لم يُكتب لهم مستقبل سعيد
وفاطمة ترى ان لو كان الزمن اختلف لما تعرضوا لكل تلك المآسي والخطوب
فالعالم اليوم قرية صغيرة الكل في حالة اتصال دائم حتى وان بدا اتصال ليس فيه عاطفة لكنه يجعلك
في ترابط مع العالم وتواصل مستمر وعلم بكل حدث صغيرا كان ام كبيرا

الاثنين، 7 مايو 2012

هذا الوجع يا أبي ..




أَجلس اُطعم والدي بيدي وجبة الافطار 
ككل صباح اقنعهُ اولاً أني ابنتهُ لكي يقبل الأكل من يدي
فمنذ اصابته بمرض ال زهايمر وهو يعاني افتقاد الألفة
كل يوم أعرفه بنفسي لكي يسمح لي بالاقتراب منه
هذا اليوم مختلف ..
هو عيد ميلادي
والذكريات تنهال عليّ بدفق حزين ..


اليس من الغرابةِ أن الإنسان الذي علمني لغة الكلام والتعبير
واسماء الاشياء اعلمهُ أنا  ..!


جالسةٌ الآن اتأمل عينيه التائهتين
مليئةٌ بالشرود والخوف


قبل يومين استيقظت من نومي فزعةً على صوت ندائه لامي
نهضتُ فإذ به يقف في وسط الدار
وينادي عليها بألم .. حاولت تهدئته لكنه استمر في النداء بصوت عالي
اجلستهُ ونظرتُ اليه ممسكةً وجهه بين يدي
أبي أبي .. أمي بعيدة لا تسمعك 
فينهرني ويبعدني وينادي عليها
حاولت تهدئته لكني فشلت فانتابتني حالة بكاء حادة
احتضنته وبكيت
فإذ به يهدأ 
نظرتُ اليه فسألني : من انتِ ؟
أين أنا ؟
فاخبرته .. انا ابنتك .. أنت في بيتي يا أبي
واستغرقت في اقناعه مدة


تذكرتُ يوماً من طفولتي .. سألته عن سبب موت قطتي
وأنا أعتصر حزنا .. فاحتضنني 
وقال : أن الكائنات حين تمرض أجسادها فإن روحها تصعد الى السماء
وتبقى هناك تنتظرنا .. وتنظر الينا
استغرقت مدةً لكي اهدأ واقتنع بما يقول ..


وأنا الآن انظر اليه شارداً في اللاشيء
يسأل عن كل الاشياء وعن كل الوجوه ..
شعور غريب .. ألم مختلف يكاد يكون شعور بالعجز ..


اذكر يوماً أنه اهداني في عيد ميلادي السادس دراجة
بذل كل جهده في تعليمي كيفية قيادتها ..
وفي اليوم التالي أخذني الى الحديقة كأول تجربة اداء 
ولسوء الحظ وقعتُ عنها وقعة مؤلمة ..
اذكر انه قفز الي يحتضني وانا ابكي 
كلماته مازالت في اذني : حبيبتي لا تبكي هكذا الحياة تعطينا الدروس لتعلمنا
ونصبح اقوياء ..
كم هي اليمة هذه الدروس يا أبي
توصلنا الى الحيرة والعجز أمام من نحبهم ونخاف عليهم
لم يكن هذا أبدا في حسباني
أن يسلب العجز قوة الرجل الذي يحميني 
أن يضيع ويتركني أبحث عن اتصال معه ليتعرف اليّ ..!


انظرُ الي عينيه الآن .. لا شيء يُشغل تفكيره الا شرود .. 
وخوفٌ احيانا ..
ووجعٌ في قلبي معظم الأحيان .. 






..

الأربعاء، 22 فبراير 2012

قصة غرور








كان هناك شراع سفينة يقف في زهو ويعبر البحار والناس تلوح له في الذهاب وفي الاياب ..
 كان يحسب انه يتمتع بالحرية وانه هو من يقود قدره ..
وفي ليلة من الليالي عصفت عاصفة هوجاء ارجاء المحيط فغضبت البحار واخذت تقاوم جنونها وتبعثر الماء هنا وهناك ..
فتكسر جزء من رصيف الميناء ..
بدأت البحار تتقمص الجبال واخذت تعلو وتعلو وكل من عليها رُفع الى اطراف السماء ومن بينهم ذلك الشراع المغرور ..
اخذ الشراع يتمايل مع هبوب العاصفة ودوامات المحيط وبدأ الخوف والهلع يقطعان حباله المربوطة بالسارية ..
 فبدأ يصرخ ويستغيث ..
فجأة احدثت العاصفة في وسطة ثقباً كبير وفي اطرافه شراشيب متطايرة ..
ومازال يصرخ و يحاول التشبث بساريته ..
استمرت العاصفة اربع ساعات حتى هدأت اخيراً .. 
وبعد تخبط وصل الشراع ومركبه الى الميناء .. كان ذلك مع بزوغ الفجر ..
وما ان ظهرت الشمس وعكست اشعتها على بقايا الشراع المنهك ..
 والذي كانت تظهر عليه دموع انتحابه وبقايا من غروره حتى اشاح بوجهه الى الغرب ..
اكمل البكاء على بقيته وسكن في صمت وفي داخله امتنان بالنجاة فقط ..

الجمعة، 27 يناير 2012

رقصة لم تكتمل








رقصةٌ لم تكتمل ...


مدّ يده ..
قال : راقصيني على أنغام العمر ..
كانت يدي على صدري ..
تلامس طقطقة ضلوعي حين اعتلتها الشهقات ..
مددتها اليه ..
عيناي تسكن في ملامحه ..

وقفت ..
وتوقفت ساعة الزمن ..
أمسكت بكل قواي بتلك اللحظة ..
أعيشها بكل حواسي ..

اقترب جسدانا ..
وضعتُ يدي الاخرى على كتفه ..
أحاطني .. شعر بارتعادي ..
همس لي .. اهدأي .. اطمئني ..
تنفستُ عطره .. عدتُ الى ذكرياتي ..
تبسمتُ ..
واستنشقتُ حرارة اقترابه ..

لاشئ .. سوى صوت الموسيقى 
يحركني ..
تصارعت افكاري .. 
ومضت أمامي صور وانا انظر من فوق كتفه ..
لحظاتٌ حرجه ..
كنت فيها ..
حيرة المت بي ..

قلبي ينشده وأنا .. أنشد قلبي الرحمة ..
الرحمة ..

تحجرت دموع في عيني ..
التفت .. 
نظر الى عيني ..
فاضت شلالات وجدي ..
توقفنا ..

سألني في ذهول ..

صمت .. سكون ..
فقط لغة العيون هنا تحكي ..

سحبت يدي بهدوء ..
اخرجتُ جسدي منه ..

أرجوك يكفي ..
كانت آخر كلماتي ..


ورحلت .. 




..

وكان آخر لقاء






وصلت إلى المقهى فلم تجده .. نظرت الى الساعة .. فوجدت انها أبكرت بقدومها ..
اختارت الانتظار ..


جلست على إحدى الطاولات ..
لم تأخذ شيئاً .. فضلت انتظاره ..


ليظهر من بين المارة ماشياً بقدمين مثقلتين ..
يدفع الباب .. يدخل ..


تاخذ هي نفساً عميقاً ..
تشير له بيدها وترسم على وجهها ابتسامة باهتة ..


يلقي السلام ويجلس امامها ..
يتكئ على الطاولة واضعاً يديه تحت ذقنه ..
ماذا تشربين يسألها ..


ترد : لا شئ ..


فيطلب كوبان من الماء ..
يأخذ نفساً عميقاً ..


يتحاشى كل منهما النظر الى عيني الآخر ..
تمر الدقائق .. ويستمر الصمت 


لا يكسره سوى صوت كوبا الماء على الطاولة ..
يخبرها أن موعد سفره في الغد .. وانه سيصطحب الابن الأكبر معه ..


تنظر اليه محدقة ..
تلتزم الصمت وتشيح بوجهها 


اذا احتاجت ابنتنا شئاً اخبريني .. يقول لها..


تبتسم بسخرية .. تتنهد ..
تمر الدقائق تتوتر الاجواء .. يكادان يختنقان بالهدوء المصطنع ..


ترد : لنقل وداعاً اذن ..
فيرد : نعم 
تقف 


تمسك حقيبتها وتتجهه للخروج ..
تحاول رفع قامتها ..
تصل الى الباب .. تلتفقت اليه ..
تلتقي عيناهما 
يتوقف بينهما الزمن لبرهة .. جزء من الثانية مرت فيه أزمان ..


توشك أن تعود الى الطاولة ..
يوشك أن يقف ليناديها ..


تنتظرُ منه .. وينتظرُ منها


واذ بصوت إمرأة خلفها : لو سمحتِ أريد الخروج ..
لتدرك فجاة أنها تقف في طريقها ..
ترتبك .. تتراجع لتخرج المراة 
تدور حول نفسها كمن يبحث عن ضالته ..


تخرج ..


تسير على الرصيف تدق الأرض بخطواتها المقهورة ودموعها المتحجرة ..


يجلس ..


محدقاً في كوب الماء الذي لم تشرب منه شئ ..


لقد كان آخر لقاء بينهما ..






.